ريثيون العربية السعودية: إستراتيجية إقليمية للصناعات الدفاعية

تمركزٌ جديد لشركة ريثيون (Raytheon) المتخصصة في تكنولوجيا الصناعات الدفاعية المتطورة، والتقنيات الدقيقة المرتبطة بها. فخلال الأشهر المقبلة ستباشر «ريثيون» عملياتها في ثالث شركاتها العالمية في المملكة العربية السعودية، «ريثيون العربية السعودية» ، والتي ستمثل ركيزة أعمال الشركة الأم في المملكة، وتشمل التصنيع والتصدير والإبتكار.

يشير الرئيس التنفيذي لشركة ريثيون العربية السعودية كورت آميند، الى أن قرار الشركة التحول عن الإطار التقليدي للتعامل مع المملكة لم يكن مستبعداً، ولاسيّما وأنها السوق الأكبر للشركة خارج مقرّها الرئيسي في الولايات المتحدة الاميركية، ولكن كان لا بدّ من ظروف مؤاتية لإنضاج هذا القرار. ويضيف: «مع اعلان رؤية 2030 والتحولات السريعة والنوعية التي حققتها المملكة، بادرنا الى مواكبة هذه الرؤية عبر إطلاق خطة للتوسع في المملكة من خلال تأسيس شركة ريثيون العربية السعودية بالشراكة مع الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI)، وهي ثالث خطوة من نوعها تتخذها ريثيون على مستوى العالم بعد فرعيها في كل من المملكة المتحدة وأوستراليا».

توطين الخبرات

وفي عرضه لخطة عمل الشركة في المملكة، لفت آميند الى أنّ ريثيون العربية السعودية ستركز على مسارين رئيسيين، الأول المساهمة في تحقيق رؤية المملكة بتوطين نصف صناعتها الدفاعية، والثاني تطوير قطاع التصنيع المحلّي لتقنيات وأنظمة الدفاع وتحويل المملكة الى مركزٍ إقليمي في هذا المجال.

لكن هل ستتمكن ريثيون من إنجاز هذين الاستحقاقين خلال مرحلة تطبيق الرؤية السعودية؟ يجيب آميند بأن عامل الوقت يمثل تحدياً مهماً نظراً إلى نوعية الصناعات والتقنيات المقرر توطينها، معتبراً أن سياسة المملكة الحازمة في هذا الاتجاه، إلى جانب تصميم ريثيون على نجاح خطتها التوسعية الجديدة سيساهمان في تحقيق الهدف المنشود.

وعن مسار توطين الخبرات يقول: «بادرنا منذ خمس سنوات الى توقيع اتفاقية تعاون مع مركز القيادة والسيطرة التابع لوزارة الدفاع السعودية، وهي الأولى من نوعها. وشملت تدريب عدد من المواهب الهندسية من القطاعين العسكري والمدني عبر برنامج امتدّ لسنتين في مكاتبنا في كاليفورنيا. ونتيجة لذلك، تمكن 72 منتسباً للبرنامج من ابتكار وتطوير مجموعة حلول ومعادلات رياضية تمّ دمجها في نظام خاص بوزارة الدفاع السعودية واعتمد من  ديسمبر الماضي. لقد كانت هذه التجربة كفيلة بإطلاعنا على مدى التزام المواهب السعودية بالتعلّم والابتكار حتى في المجالات العلمية المعقدّة؛ بإختصار، لقد آمنا بأهمية التوطين للخبرات قبل أن تصبح أولوية حكومية، وهذا ما سنتابعه من خلال تعزيز شراكاتنا مع الجامعات والطلاب الذين نلاحظ شغفهم في البرمجيات المتعلقة بتقنيات الدفاع والأمن السيبراني. كذلك، وعلى الصعيد العلمي، فإن ريثيون تعمل منذ عقدين مع شركاء محليين عدة للصناعات الدفاعية، ويتم تسويق منتجاتهم في المنطقة والعالم».

ردع التهديدات

وبالإنتقال الى الحديث عن أبرز القطاعات التي ستركز عليها ريثيون العربية السعودية، يلفت آميند الى أن ثمة تهديدات متعددة تتعرض لها المملكة والمنطقة عسكرياً وتكنولوجياً واقتصادياً، «وهذا يحتّم علينا التركيز على تطوير مجموعة من الأنظمة الدفاعية، الصاروخية، الجوّية والسيبرانية لضمان ردع أيٍ من هذه التهديدات، وهذا ما يمثل فرصة لنا لتثبيت قدراتنا وتطوير أعمالنا في المنطقة». ويشير الى أنه تم التوقيع على اتفاقية استراتيجية مع المملكة منذ أكثر من عام، تهدف الى دعم وتطوير أربع قطاعات رئيسية في المجال الدفاعي والعسكري وهي: أنظمة الذخيرة الذكية/الدقيقة، أنظمة الدفاع الجوّي والصاروخي، أنظمة الأمن السيبراني، ومنظومة (C5I) للقيادة والسيطرة والتحكم والاتصالات والاستخبارات. كذلك، هنالك طلب كبير من جهات رسمية ومدنية عدة على خدمات الأمن السيبراني لمنشآتها وأعمالها، والتي ستمثل مجالاً مهماً لريثيون لتطوير أعمالها. ومن المتوقع أن تخلق هذه الإتفاقات نحو 3000 فرصة عمل، منها 1200 فرصة مباشرة للسعوديين.

ويخلص آميند، وهو الدبلوماسي الذي خبر المملكة منذ عقود قبل توليه منصبه الحالي في ريثيون، إلى التأكيد على أنّ نقل المعرفة وتعزيز روح الابتكار في مجتمع المملكة لا يخلوان من تحديات، لكنّهما يمثلان أعلى فرص للنجاح في الوقت نفسه، خصوصاً مع التوجه الحديث في المملكة نحو المزيد من العصرنة وفتح المجال أكثر لفئة الشباب، وبخاصة النساء اللواتي يمثّلن الخطوة الأهم للاستفادة من كل طاقات المجتمع ومن بدون عوائق.

الرياض ـ الاقتصاد والأعمال